Найти тему
Hazem Rowiha

ورقة أخرى من العذاب

قد رجع المسجون مامادو الشاب العشريني الموريتاني إلى عنبر السجن إليزابيث ديتينشن سنتر بعد أن غادره إلى المستشفى بعد محاولته الإنتحار وسوء حالته النفسية ولكنه رجع إلى السرير رقم ٤١ في المنصة العلوية بعنبر السجن، وكان أخر سرير في هذه المنصة رقم ٤٤ مخصص لزميل من دولة لاتينية حسبما أتذكر من دولة بيرو التي تشتهر بتصدير لحوم الأبقار كما أخبريني هذا الزميل الذي كان شخص بشوش وكنا نتبادل الأحاديث الودية بحكم الجيرة وكان زميلي من الجهة اليسرى داوو الذي كان في العقد الخامس من عمره ومن أصل أفريقي من ساحل العاج وكان طلب مني غير مرة أن أعلمه أن يحفظ آية الكرسي ولأنه لا يستطيع قراءة اللغة العربية ولكنه يقرأ اللغة الإنجليزية فقد علمته حفظ وقراءة آية الكرسي من القرآن بعد أن كتبتها على عدة وريقات بالفرانكو آراب وقرأتها عليه مرات كثيرة وظل يرددها حتى حفظها في غضون شهر تقريبا.

أما مامادو الذي عاد مرة أخرى للعنبر - للدورم بالإنجليزية - كان يشبه الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما وكان جميع النزلاء ينادونه أوباما ولكنه كان نحيف قليلا و طويل كلاعب السلة، ولكني كنت أشعر تجاهه بعدم الارتياح وخصوصا بعد مرة كنت جالس على السرير ومستغرق بقراءة ملف قضية اللجوء وكنت أجلس وحيدا في المنصة العلوية وفجأة وجدته يقف بجانب السرير وسألني : ماذا تفعل؟ فأزعجني ولم أخبره بقضيتي التي كنت أخفيها عن جميع المساجين، ولكني سألته عن إذا كان يعرف محامي جيد فأجابني بأن محاميه جيد وكتب لي إسم المحامي ورقم تليفونه في ورقة، أنا كنت أتجنب الحديث مع أوباما لسبب ما لا أعرفه بالتحديد ربما لأني كنت أشعر أنه جاسوس يقوم بمهمة أن يجمع عني معلومات وعلى الرغم أنني قابلت في السجن جواسيس كثر يقومون بنفس المهمة ومنهم أحمد زوج بنت رئيس رابطة المصريين في نيويورك كما زعم وهو يسألني مرات كثيرة عن سبب وجودي في سجن اليزابيث وكنت لا أذكر أبدا قضية اللجوء لتأمين نفسي ولكني كنت أدعي أنني سبب وجودي في السجن أنني بعد نزولي من الطائرة قد فقدت جواز السفر، وكان أحمد غير مقتنع بهذا الادعاء ولذلك كان يسألني كثيرا سواء كنا بمفردنا أو كان معنا نزيل فلسطيني يشاركنا النقاش فقد كنا نصلي جماعة ثلاثتنا معا ، وكنا نطيل الحوار ولكني لم أنزعح منهما مثل ما إنزعجت من أوباما.

معظم النزلاء في عنبر سجن إليزابيث كانت مشاكلهم خاصة بقوانين الهجرة والإقامة في الولايات المتحدة وكان في بعض الأحيان يأتون بنزيل إلى الدورم من المثليين جنسيا، أذكر أنه ذات مرة أتى نزيل من المثليين وقضى أسبوع تقريبا في الدورم وكان سريره في الدور الأرضي والشيء الغريب والكريه أنه كان يقوم بأعمال المساج للمساجين بعد إطفاء الأنوار في فترة الليل وكان النزلاء يجلسون حوله وهو يقوم بعمل المساج لنزيل قد دفع أجر ذلك وكانوا يتسامرون وبأصوات تصل إلينا في المنصة العلوية ونشاهدهم من الأعلى على الضوء الخافت الذي يأتي من جانب مكتب ضابط السجن كما لو كنا في بلكونة تطل على حفل سمر، وكان ذلك يتم تحت عين ضابط السجن لفترة ساعة أو أكثر.

يوم نودي على أوباما بالإفراج للخروج من السجن وعلم أنه كسب قضية الهجرة اجتمع حوله النزلاء ليهنئوه وكان من بينهم نزيل من المثليين جنسيا فحضنه أوباما وأخذ يقفذ ويصيح بفرح أمام عين ضابط السجن وكأن شيء لم يحدث، فقد كان يقال بين النزلاء رواية متداولة:" أن إذا إستطاع المهاجر أن يثبت أنه ذو علاقة مثلية جنسية فإنه سوف يكسب قضية الهجرة أو الإقامة ويحصل على الإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأن صاحب قضية هجرة وإقامة إستطاع أن يقبل أحد الذكور أمام القاضي وبذلك فإنه نجح في كسب قضية الإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية " ، وأنا أرى أن هذا فعل كريه وقذر وأنا واحد من الناس الذين يفضلون ويعتبرونه شرفا أن يحكم عليه قاضية فاسدة في الولايات المتحدة الأمريكية بأنه إرهابي وخطر على أمن الولايات المتحدة الأمريكية أفضل وأشرف من أن يدعي بمثل هذا الشذوذ القذر الحرام.